بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أينما نقلب أبصارنا، وندير عقولنا، تتجسد أمامنا نعمة من نعم الله التي لا حصر لها ..
من هذه النعم التي قد لا ينتبه إليها البعض نعمة " الستـر" ..
من رحمة الله عز وجل بعباده أن كساهم بثوب من الستر ..
في الناس شـر لو بدا ما تعاشروا ......... ولكن كساه الله ثوب غطاء
وقال بعض السلف :
" لو تعلمون مني ما أعلم من نفسي لحثوتم على رأسي التراب " ..
تخيل معي أخي الكريم .. أختي الكريمة .. لو إنك في كل مرة أذنبت بانت عليك سمة أو علامة تكشف وتفضح الذنب الذي أذنبت واقترفت !!! كيف سيكون حالك ؟؟
قال الصحابي الجليل ابن عباس رضي الله عنهما :
" إن في الحسنة نورا في القلب, وزينا في الوجه, وقوة في البدن, ورحبة في الرزق, ومحبة في قلوب الخلق, وإن للسيئة ظلمة في القلب, وشينا في الوجه, ووهنا في البدن, ونقصا في الرزق, وبغضة في قلوب الخلق" ..
عجبا لك أيها الإنسان !! كيف ترضى أن يكون الله أهون الناظرين إليك ؟!!!! كيف تستحي من نظر الناس الذين لا يملكون لك ضراً ولا نفعاً .. ولا تستحي من نظر الله إليك !!! الله الذي بيده ملكوت السماوات والأرض .. الله مالك نفوس العباد ومدبرها والمتصرف فيها ..
قال الشاعر :
يا مدمن الذنب أما تستحي ..... والله في الخلوة ثانيكا
غـــــرك من ربك إمهالــــــــه ..... وستره طول مساويكا
وقال آخر :
توارى بجدران البيـــوت عن الورى .......... وأنت بعين الله لو كنت تشعر
وتخشى عيون الناس أن ينظروا بها .......... ولم تخش عين الله والله ينظر
والأدهى والأمرّ ما نرى من أولئك الذين بعد أن منّ الله عليهم بالستر, أصبحوا يجاهرون ويتفاخرون بما ارتكبوا من معاصي وذنوب ...
في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه :
" كل أمتي معافى إلا المجاهرين, وإن من المجانة أن يعمل الرجل بالليل عملا, ثم يصبح وقد ستره الله, فيقول: عملت البارحة كذا وكذا, وقد بات يستره الله, ويصبح يكشف ستر الله عنه "
كلنا ندرك ما للذنوب من آثار وخيمة .. حيث إنها تورث الذل وتفسد العقل وتورث الهم وتضعف الجوارح وتعمي البصيرة .. لذا أحبائي أوصيكم ونفسي بتقوى الله والإستغفار ..
قال تعالى: "وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ" (آل عمران:135)
وهنئياً لمن اجتهد حتى وافقت ظواهره الحسنة بواطنه وسرائره ونواياه الخالصة لله ..
وأخيرا : " اتق أن يكون الله أهون الناظرين إليك "
قال تعالى: "وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى" (طـه:7)
وقال تعالى: "قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (آل عمران: