العبادات في الإسلام تتلخص في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بُنِىَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةُ أَنَّ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ وَإِقَامُ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَصَوْمُ رَمَضَانَ وَحَجُّ الْبَيْتِ لِمَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) ، وهذه العبادات ما هي إلا وسيلة بناء للإنسان المسلم بما تتضمنه من سلوك قويم وغلبة الخير على الشر وتجنب الموبقات والبعد عن الفسوق والترف والطغيان بجانب طاعة الله ورسوله وشكر الله على نعمه ، ولكل عبادة من هذه العبادات دورها وأهميتها فلا تغنى عبادة عن الأخرى.
فالشهادة : هي مفتاح الإسلام ، وهى النور الذي يهدى المسلم إلى رحاب المنهج القويم وهى قمة الوحدانية لله تعالى ، وتصديق لبعثة الرسول ورسالته.
والصلاة : هي عمود الدين وهى التي تفرق بين المسلم والكافر فالمسلم يشعر بأدائها بقيمة الزمن والمسئولية ، فهو يقف أمام الخالق خمس مرات يوميا ؛ محافظاً على الرباط الروحي الذي يصله بربه لقولـه تعالى ] وَأَقِم الصَّلاَةَ لِذِكْرِي [ ( سورة طه من الآية 14 ) ، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلاَةُ فَإِنْ صَلُحَتْ صَلُحَ سَائِرُ عَمَلِهِ وَإِنْ فَسَدَتْ فَسَدَ سَائِرُ عَمَلِهِ وَالصَّلاَةُ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) وبذلك تصبح الصلاة كضربات القلب لازمة لاستمرار الإيمان ، كما أن ضربات القلب لازمة لاستمرار حياة الإنسان .
أما الزكاة : فهي تكافل اجتماعي نموذجي نظمه الإسلام بما يجعل الغنى يخرج الزكاة ليطهر نفسه ويطهر ماله عن إيمان وحب فيزداد ماله بركة وتكثر حسنات المتزكي وتعصمه من البخل والشح والطمع ، وتعطى الزكاة لأفراد المجتمع المعسرين ، وهذا حقهم الذي فرضه الله تعالى لهم فيخرج الحقد من نفوس الفقراء وتتطهر قلوبهم من الغلِّ والحسد ؛ وكفالة الغنى للفقراء والمساكين واليتامى والمحرومين وذوى الحاجة , يجعل الزكاة هي الملجأ لإنقاذ الإنسان من ظلم أخيه الإنسان ؛ وهى سبيل للتراحم والرحمة ، وتشعر المتزكي بأنه يتعامل مع الله ولا يَمُنُّ على المحتاج لقوله تعالى : ] مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ [ (سورة الحديد الآية 11) .
والصوم : يبرز الطاعة الخالصة والانقياد التام لمنهج الله عز وجل ؛ وهو عبادة خالصة تمتد ساعات طوالا وتتحقق فيها مراقبة الله عز وجل فتقوى بذلك الصلة بين العبد وربه وفى الحديث القدسي ( كُلُّ عَمَلِ ابْنُ آَدَمَ لَهُ إِلاَّ الصَّوْمُ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِى بِهِ ) . والصوم تربية قوامها أن يمتلك المرء نفسه وأن يكبح هواه والصوم صحة فالصوم وقاية وعلاج لعديد من الأمراض بما يؤديه الصيام من التخلص من السموم والشحوم المتراكمة ( صُومُوا تَصِحُّوا ) لذلك يصبح الصيام وسيلة لإعداد المسلم جسديا ونفسيا للتغلب على المشاكل التي قد يقابلها في حياته فيعرف بالصبر والاحتمال كيف يتغلب عليها .
وأما الحج : فهو عبادة لها مدلولها وأبعادها الخاصة ؛ وعلى المسلم القادر أن يستشعرها ولو مرة واحدة في العمر ، ففي الحج يتوقف الإنسان المسلم مع نفسه ويحاسبها ويتدارك أمره قبل فوات الأوان ؛ وفى الحـج - الذي هو هجرة لأرض النبوة والرسالة - يتجرد الإنسان من ملابسه وزينته وتصفو نفسه من الرياء والكبر ، وتنقشع سحب الأهواء والنزوات والنزعات الشخصية والإقليمية فيتلاقى المسلمون على صعيد واحد البيض منهم والسود ، العرب منهم والعجم ، الأغنياء منهم والفقراء ، الحكام منهم والمحكومون فهم جميعاً في موقف العبودية لله وحده ، كلٌ يرفع يده لله مولاه يقول في عبودية كريمة وضراعة حميدة : يا رب يسأله إجابة مطلبه ويرجو رحمته ويطمع في جنته .
وللعبادات مناسك وشروط ومواقيت فاحرص عليها وتعرف عليها جملة وتفصيلا وتذكر بأن الإسلام دين التيسير والرسولe قال ( يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا وَبَشِّرُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا ) ، والرسولe لم يُسْأَلْ عن شيء في الحج إلا وقال ( افْعَلْ وَلاَ حَرَج ) .. وتذكر قول الله تعالى : ] رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وتُبْ عَلَيْنَا إنّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [ (سورة البقرة الآية 128) .